الخادمات بين الإنسانية والعبودية، الى متى؟

الخادمات بين الإنسانية والعبودية، الى متى؟

يجد البعض صعوبة في تقبل الخادمة، فيعاملها بالازدراء والعجرفة والتعالي، وإشعارها بالإذلال والمهانة والاحتقار، وتناسي أنها قبلت بهذا العمل بدافع العوز والفقر والحاجة والظروف المعيشية، بعد أن ضاقت بهن السبل، فلم يجدن الحل إلا في امتهان تلك الحرفة القاسية التي تعرض الكثيرات منهن إلى الظلم.

المعاناة اليومية تبدأ حينما تخطئ الخادمة مع ربات البيوت المتسلطات بأبسط الأخطاء، وهنا تبدأ قصة (ر.ج) الخادمة الفلبينية التي تعمل منذ 6 سنوات متواصلة بدون إجازات لدى كفيلتها (إ.ع) حيث أفادت ضمن البلاغ المقدم أنها تعرضت للتعنيف والتعذيب بأدوات مختلفة من قبل كفيلتها التي تقوم بحرقها في أماكن مختلفة من جسدها باستخدام المياه المغلية أو ولاعة السجائر تارة وكاوية الملابس أو الفحم تارة أخرى، بالإضافة لضربها بالعكازة وذلك على أبسط الأخطاء التي تقوم بها حسبما أفادت، كما أضافت الخادمة أن الابن الأكبر المهندس المدعو (س) ذو الستة والعشرين عاماً قام بضربها مراراً وتكراراً وحرقها في ذراعها الأيمن.

التسبب بعاهات مستدامة والتهديد بالسجن!

تتفنن ربة المنزل تلك أيضاً بوسائل التعذيب طيلة سنوات مضت حيث قامت بضرب الخادمة بالنعال ذو الكعب القاسي على أذنها مما تسبب لها بتشوه وعاهة مستدامة.

وعند سؤال الخادمة عن سبب سكوتها طيلة تلك السنوات أفادت أنهم قاموا بتهديدها بالسجن في حال هربت أو أدلت بما يحدث معها أو سيقومون بترحيلها من البلاد ومنع دخولها للدولة مرة أخرى، وذلك من خلال أوراق أجبروها على كتابتها والتبصيم والتوقيع عليها تحت الضرب والتعنيف، مما أثار في نفسها الخوف كونها المعيل الوحيد لأسرتها.

محاولة الانتحار للفت الأنظار والهروب للخلاص.

حاولت (ر.ج) التهديد بالانتحار للفت الأنظار حيث اختبأت بالطابق العلوي للمنزل الكائن في منطقة الجرف على حد قولها وهددت بقتل نفسها وحينها قام الابن الأصغر بالاتصال بالشرطة وابلاغهم بالحادثة، وعند وصول رجال الشرطة قام الضابط بتهدئتها وأنزلها من مخبئها لتقوم كفيلتها بصفعها أمام أعين رجال الشرطة.

الخادمة الآن تعاني من خوف شديد وتشتت بالأفكار وذلك نابع من التهديدات المستمرة التي كانت تتلقاها من كفيلتها في حال أبلغت عما يحصل معها، بالإضافة الى جسدها الهزيل بسبب سوء التغذية حيث كانت تقتات على الاندومي والمعكرونة ويمنع عليها فتح ثلاجة المنزل كما أفادت.

وبناءاً على الأوامر الصادرة من رئيس مؤسسة حماية سمو الشيخة عزة بنت راشد النعيمي تم التحرك على الفور عند ورود البلاغ من مركز شرطة الحميدية/عجمان لاستلام الحالة وايوائها بإحدى دور الإيواء التابعة للمؤسسة حيث قام كل من الأخصائية الاجتماعية ومسؤول شؤون الأفراد باستلامها ومتابعة حالتها.

تبلغت السفارة الفلبينية بالحادثة وتم التواصل مع محامي خاص من قبل مؤسسة حماية ليأخذ على عاتقه القضية إنسانياً وتحويلها الى قضية رأي عام بعد ثبوت الأدلة في النيابة العامة.

تشريعات العمل وحقوق العمال

“عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال: خدمتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- تِسع سنين، فما أعلمُه قال لي قَطُّ: لم فعلتَ كذا أو كذا، ولا عابَ عليَّ شيئًا قط “رواه مسلم، وطالب الإسلام بحقوق الجارية في عدم تكليفها ما لا تطيقه، وحث على أن يُعطى العامل عمله قبل أن يجف عرقه.

وفي واقع الحال فإن قانون العمل يعرف العامل بأنه من يقوم بالعمل مقابل أجر سواء أكان ذكرا أم أنثى، وهذا التعريف لم ينل الرضى حين اعترض البعض على انضواء الخادمة تحت قانون العمل، لكونها تعتبر جزءا من الأسرة، وهذه مقولة حق أريد بها باطل، فعمالة الخادمات مسؤولية الجميع من عدة فئات كالوسطاء والسفارات والمجتمع المدني والصحافة والإعلام وحتى المؤسسات التي تساعدهن، مثل منظمات حقوق الإنسان ومنظمات العمل الدولية، والهيئات الدولية التي تناهض العبودية الحديثة، والمؤسف أن لا توجد نقابات خاصة تضمن حق التقاضي حين يتم اللجوء إلى القضاء.

لا تترددي في التواصل مع مؤسسة حماية للمرأة والطفل تحت أي ظرف كان.
أرقام التواصل: 97167431888 / 0568870766