«منذ أحد عشر عاماً طلّقتُ زوجتي سلمى بعد زواج دام خمسة أعوام.. ذهبنا إلى المحكمة بالتراضي، وطلّقتها أمام القاضي بسلاسة شرب المياه.. بسلاسة سلمى نفسها.. سلمى اللطيفة الذكية.. من امتلكت من حس الفكاهة ما لم تمتلكه أنثى غيرها.. كانت تقدر على تحويل أي موقف سوداوي إلى سبيل للنكتة.. تظل تحاول وتحاول حتى أستسلم لها ضاحكا.
عن سبب انفصالنا.. هو أنها لم تكن كافية لجعلي راضياً.. رغم خصالها الحسنة، إلا أنني اعتقدت حينها أن الرجل لابدّ له أن يكون مقتنعاً ومندهشاً بزوجته.. هذا من شروط الزواج السليم.. حتى لا تقع الخيانة.. أو الفتور والملل.
حين صارحتها بذلك ابتسمَتْ، وأخبرتني كلاماً أعتقد أنها لم تكن تقصد به أن يُحفَر في كبريائي وذاكرتي حتى هذه اللحظة.. قالت: لنتطلّق.. أنا أيضاً أود ذلك مع أنك كافٍ بالنسبة لي، إلا أنني أحب نفسي كما أحبك.. أحبها للدرجة التي تجعلني أستمر بالبحث من أجلها.. بالبحث عن رجل يراني كافية.. لا.. ليس مجرد كفاية.. سأجد رجلاً يتمتم خلال صلواته: يا رب، ماذا فعلت من خير حتى تمنحني سلمى!
لا أعلم كيف استطاعت أن تكون بتلك الروعة في أكثر لحظات حياتها إيلاما!
بمرور كل تلك الأعوام تعرفت على نساء كثر.. بدايةً كنت أبحث عن نساء خارقات ومثاليات، وحين إيقاني أنّ مثلهن محض وهم لا صحّة له بدأتُ ولمدة عشرة أعوام أبحث عن صنف آخر من النساء.. بدأت أبحث عن امرأة كسلمى تجعلني أتجاوز خسارتي فيها.
إن أقبح عقاب يدرك الرجلَ هو خسارته لامرأة عظيمة، وأقبح ندمٍ يأتيه هو أنه لم يدرك مدى عظمتها إلا بعد خسارته لها، وأقبح فشل يصيبه هو عجزه أن يأتي بمثيلٍ لها أو من يشبهها!».